الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة
.الشك في طلوع الفجر: وقال رجل لابن عباس رضي الله عنهما: إني أتسحر فإذا شككت أمسكت، فقال ابن عباس: كل، ما شككت حتى لا تشك. وقال أبو داود، قال أبو عبد الله: إذا شك في الفجر يأكل حى يستيقن طلوعه وهذا مذهب ابن عباس، وعطاء، والاوزاعي، وأحمد. وقال النووي: وقد اتفق أصحاب الشافعي على جواز الأكل للشاك في طلوع الفجر. .2- تعجيل الفطر: فعن سهل بن سعد: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا يزال الناس بخير، ما عجلوا الفطر» رواه البخاري ومسلم. وينبغي أن يكون الفطر على رطبات وترا، فإن لم يجد فعلى الماء. فعن أنس رضي الله عنه، قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن فعلى تمرات، فإن لم تكن، حسا حسوات من ماء» رواه أبو داود، والحاكم وصححه، والترمذي وحسنه. وعن سليمان بن عامر: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا كان أحدكم صائما، فليفطر على التمر، فإن لم يجد التمر فعلى الماء، فإن الماء طهور» رواه أحمد، والترمذي، وقال: حسن صحيح. وفي الحديث دليل على أنه يستحب الفطر قبل صلاة المغرب بهذه الكيفية، فإذا صلى تناول حاجته من الطعام بد ذلك، إلا إذا كان الطعام موجودا، فإنه يبدأ به، قال أنس: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا قدم العشاء فابدءوا به قبل صلاة المغرب، ولا تعجلوا عن عشائكم» رواه الشيخان. .3- الدعاء عند الفطر وأثناء الصيام: وثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: «ذهب الظمأ، وابتلت العروق، وثبت الاجر إن شاء الله تعالى». وروي مرسلا: أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول: «اللهم لك صمت، وعلى رزقك أفطرت». وروى الترمذي بسند حسن أنه صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، والمظلوم». .4- الكف عما يتنافى مع الصيام: فينبغي أن يتحفظ الصائم من الاعمال التي تخدش صومه، حتى ينتفع بالصيام، وتحصل له التقوى التي ذكرها الله في قوله: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون}. وليس الصيام مجرد إمساك عن الأكل والشرب، وإنما هو إمساك عن الأكل، والشرب، وسائر ما نهى الله عنه. فعن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ليس الصيام من الأكل والشرب، إنما الصيام من اللغو، والرفث، فإن سابك أحد، أو جهل عليك، فقل إني صائم، إني صائم» رواه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، وقال: صحيح على شرط مسلم. وروى الجماعة - إلا مسلما - عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه». وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «رب صائم ليس له من صيامه إلا الجوع، ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر» رواه النسائي، وابن ماجه والحاكم، وقال: صحيح على شرط البخاري. .5- السواك: قال الترمذي: ولم ير الشافعي بالسواك، أول النهار وآخره بأسا. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتسوك، وهو صائم. وتقدم ذلك في هذا الكتاب فليرجع إليه. .6- الجود ومدارسة القرآن: روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة. .7- الاجتهاد في العبادة في العشر الاواخر من رمضان: وفي رواية لمسلم: «كان يجتهد في العشر الاواخر ما لا يجتهد في غيره». 2- وروى الترمذي وصححه، عن علي رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقظ أهله في العشر الاواخر، ويرفع المئزر». .مباحات الصيام: .1- نزول الماء والانغماس فيه: وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان يصبح جنبا، وهو صائم، ثم يغتسل». فإن دخل الماء في جوف الصائم من غير قصد قصومه صحيح. .2- الاكتحال: وعن أنس: «أنه كان يكتحل وهو صائم». وإلى هذا ذهبت الشافعية، وحكاه ابن المنذر، عن عطاء، والحسن، والنخعي، والاوزاعي، وأبي حنيفة، وأبي ثور. وروي عن ابن عمر، وأنس وابن أبي أوفى من الصحابة. وهو مذهب داود. ولم يصح في هذا الباب شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال الترمذي. .3- القبلة: فقد ثبت عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، وكان أملككم لأربه». وعن عمر رضي الله عنه أنه قال: «هششت يوما، فقبلت وأنا صائم، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: صنعت اليوم أمرا عظيما، قبلت وأنا صائم، فقال رسول الله عليه وسلم: أرأيت لو تمضمضت بماء وأنت صائم؟ قلت: لا بأس بذلك؟، قال: ففيم». قال ابن المنذر رخص في القبلة عمر وابن عباس وأبو هريرة وعائشة، وعطاء، والشعبي، والحسن، وأحمد، وإسحاق. ومذهب الأحناف والشافعية: أنها تكره على من حركت شهوته، ولا تكره لغيره، لكن الأولى تركها. ولا فرق بين الشيخ والشاب في ذلك، والاعتبار بتحريك الشهوة، وخوف الانزال، فإن حركت شهوة شاب، أو شيخ قوي، كرهت وإن لم تحركها لشيخ أو شاب ضعيف، لم تكره، والأولى تركها، وسواء قبل الخد أو الفم أو غيرهما. وهكذا المباشرة باليد والمعانقة لهما حكم القبلة. .4- الحقنة: .5- الحجامة: والفصد مثل الحجامة في الحكم. .6- المضمضة والاستنشاق: وقد كره أهل العلم السعوط للصائم، ورأوه: أن ذلك يفطر، وفي الحديث ما يقوي قولهم. قال ابن قدامة: وإن تمضمض، أو استنشق في الطهارة فسبق الماء إلى حلقه، من غير قصد ولا إسراف فلا شيء عليه، وبه قال الاوزاعي وإسحاق والشافعي في أحد قوليه، وروي ذلك عن ابن عباس. وقال مالك، وأبو حنيفة: يفطر، لأنه أوصل الماء إلى جوفه، ذاكرا لصومه، فأفطر، كما لو تعمد شربه. قال ابن قدامة - مرجحا الرأي الأول - ولنا أنه وصل الماء إلى حلقه، من غير إسراف ولا قصد، فأشبه ما لو طارت ذبابة إلى حلقه وبهذا فارق المتعمد. .7- وكذا يباح له ما لا يمكن الاحتراز عنه: وقال ابن عباس: لا بأس أن يذوق الطعام الخل، والشئ يريد شراءه. وكان الحسن يمضغ الجوز لابن ابنه وهو صائم، ورخص فيه إبراهيم. وأما مضغ العلك فإنه مكروه، إذا كان لا يتفتت منه أجزاء. وممن قال بكراهته: الشعبي، والنخعي، والأحناف، الشافعي، والحنابلة. ورخصت عائشة وعطاء في مضغه، لأنه لا يضل إلى الجوف، فهو كالحصاة، يضعها في فمه. هذا إذا لم تتحلل منه أجزاء، فإن تحللت منه أجزاء ونزلت إلى الجوف، أفطر. قال ابن تيمية: وشم الروائح الطيبة لا بأس به للصائم. وقال: أما الكحل، والحقنة، وما يقطر في إحليله، ومداواة المأمومة والجائفة، فهذا مما تنازع فيه أهل العلم، فمنهم من لم يفطر بشئ من ذلك، ومنهم من فطر بالجمع لا بالكحل، ومنهم من فطر بالجميع، لا بالتقطير، ومنهم من لا يفطر بالكحل، ولا بالتقطير، ويفطر بما سوى ذلك. فإن الصيام من دين الإسلام، الذي يحتاج إلى معرفته الخاص، والعام. فلو كانت هذه الأمور مما حرمها الله ورسوله في الصيام، ويفسد الصوم بها، لكان هذا مما يجب على الرسول بيانه، ولو ذكر ذلك لعلمه الصحابة، وبلغوه الأمة، كما بلغوا سائر شرعه. فلما لم ينقل أحد من أهل العلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك، لا حديثا صحيحا، ولا ضعيفا، ولا مسندا، ولا مرسلا علم أنه لم ينكر شيئا من ذلك. قال: فإذا كانت الاحكام التي تعم بها البلوى، لابد أن يبينها الرسول صلى الله عليه وسلم بيانا عاما، ولابد أن تنقل الأمة ذلك. فمعلوم أن الكحل، ونحوه لمما تعم به البلوى، كماتعم بالدهن، والاغتسال، والبخور، والطيب. فلو كان هذا مما يفطر، لبينه النبي صلى الله عليه وسلم، كما بين الافطار بغيره، فلما لم يبين ذلك، علم أنه من جنس الطيب، والبخور، والدهن. والبخور قد يتصاعد إلى الأنف ويدخل في الدماغ، وينعقد أجساما. والدهن يشربه البدن، ويدخل إلى داخله ويتقوى به الإنسان، وكذلك يتقوى بالطيب قوة جيدة. فلما لم ينه الصائم عن ذلك دل على جواز تطيبه، وتبخره، وادهانه، وكذلك اكتحاله. وقد كان المسلمون في عهده صلى الله عليه وسلم يجرح أحدهم، إما في الجهاد، وإما في غيره، مأمومة، وجائفة، فلو كان هذا يفطر، لبين لهم ذلك. فلما لم ينه الصائم عن ذلك، علم أنه لم يجعله مفطرا. ثم قال: فإن الكحل لا يغذي البتة، ولا يدخل أحد كحلا إلى جوفه، لامن أنفه، ولا من فمه. وكذلك الحقنة لاتغذي، بل تستفرغ ما في البدن، كما لوشم شيئا من المسهلات، أو فزع فزعا، أوجب استطلاق جوفه، وهي لا تصل إلى المعدة. والدواء الذي يصل إلى المعدة، في مداواة الجائفة والمأمومة لا يشبه ما يصل إليها من غذائه. والله سبحانه قال: {كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم}. وقال صلى الله عليه وسلم: «الصوم جنة»، وقال: «إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم فضيقوا مجاريه بالجوع والصوم». فالصائم نهي عن الأكل والشرب، لأن ذلك سبب التقوى، فترك الأكل والشراب الذي يولد الدم الكثير، الذي يجري فيه الشيطان، إنما يتولد من الغذاء، لاعن حقنة، ولا كحل، ولا ما يقطر في الذكر، ولا ما يداوى به المأمومة والجائفة انتهى.
|